search

الفيفا : عيال الذيب يتسيدون من جديد!

عــــادل هـيـــبــة

 

أفرد الاتحاد الددولي لكرة القدم فيفا مساحة واسعة عبر موقعه الرسمي للحديث عن الانجاز الذي حققه نادي السد بفوزه بدوري نجوم قطر وقال الفيفا في معرض حديثه أنه عندما تسأل عن السد في قطر، فحتما ستكون الإجابة: الألقاب؛ فقد كانت ومازالت البطولات المرادف الصحيح لمعنى السد. وكحال كبار الأندية من حول العالم مرّ "عملاق قطر" بحالة "فراق" مع لقبه المفضل "الدوري" خلال المواسم الخمسة الماضية ظل فيها بعيدا عن إعتلاء منصة التتويج التي "تسنّم قمتها" إثني عشر مرة من قبل، ولكن الموسم الجاري جاء لينهي هذا الحالة وليشهد "تسيّد" عيال الذيب فوق القمة القطرية من جديد.
 
                                                  لماذا هذا للقب؟
انقضت خمسة مواسم "عجاف" منذ أن أحرز السد لقب الدوري القطري موسم 2006-2007، بعدها عانى الفريق من "عقدة" الغرافة، حين حل وصيفا له في المواسم الثلاثة التالية، ومع ظهور لخويا صاحبا جديدا للقب في آخر نسختين، تراجع السد للمركز السادس موسم 2010-2011 ودخل المربع الذهبي الماضي؛ ضاقت "أمة السد" ذرعا بهذا الأمر، ولم تعد تحتمل المزيد، ولعل المشوار التاريخي في الطريق للفوز بلقب دوري أبطال آسيا الموسم الماضي "خفف" من معاناة وشوق السداوية للنيل من الكأس، ولكن بعد أن فقد الفريق فرصته في الدفاع عن لقبه القاري، ارتفع الحديث بل لم يكن هناك أمرا سواه في بيت الزعيم: إستعادة لقب الدوري مهما كلف الأمر!
 
                                      أفراح وسر الرقم 13
مرت ست سنوات كاملة (أي منذ 15 أبريل 2007) على آخر تتويج للسد، وشاءت الأقدار أن يشهد أبريل على حقيقة واحدة وهي أن البطل عاد من جديد. عاش السد يوم فرح لا مثيل له، فعندما أعلنت نهاية المواجهة أمام الخريطيات على إيقاع الفوز 3-1، دقت طبول الفرح هذه المرة داخل ستاد جاسم بن حمد بعد طول انتظار، معلنة عن "القبض" على اللقب الـ13 في ليلة 13 أبريل من العام 2013.
 
لم تنم منطقة السد وانطلقت مسيرات الفرح نحو "كورنيش الدوحة" والجميل في الأمر أن مراسم التتويج تمت عقب اللقاء مباشرة دون انتظار للختام الرسمي للدوري الذي لعب به السد أمام البطل السابق ووصيفه الحالي لخويا. عقب التتويج لم يتمالك لاعبو السد أنفسهم جراء الفوز باللقب، فكثير منهم لم يتذوق حلاوته من قبل، ومنهم من "اشتاق له" بعد هذه السنوات الست، ومنهم من حضر لهذا السبب "التتويج".
 
عبّر صمام أمان خط الوسط وسام رزق عما جال في خاطره على أرض الملعب "هي لحظات سعيدة، نبارك للجميع، كانت البطولة صعبة، ولم يكن هدفنا سوى الفوز بها، عملنا جاهدين لتحقيق ذلك، وأثبتنا أحقيتنا باللقب".
 
ولعل الصاعد الجديد للنجومية عبدالعزيز حسن الذي كسر حاجز التعادل مع الخريطيات بهدفين ممتازين منحا اللقب كان أحد أسعد اللاعبين، بل أن فرحته كانت مضاعفة حينئد قائلا "هو حلم لم أتخيله من قبل أن أسجل في هذه المباراة المهمة،  لقد تحقق على أرض الواقع، لن أنام في هذه الليلة ".
 
                                              الطريق إلى القمة
أدرك السد أن الطريق نحو العودة للقمة لن يكون مفروشا بالوردو، ولذلك كان لابد من تضافر كل الجهود في إطار التركيز على هدف إستعادة اللقب الكبير، نشاط إداري مثمر بالحفاظ على الغالبية العظمى من التشكيلة التي حققت لقب آسيا، وتعزيز للقدرات باستقطاب "كفاءة" كروية هائلة تمثلت بشخص "الأسطورة" الأسبانية راؤول جونزاليس، وتثبيت للنهج الفني بمنح الثقة للمغربي حسين عموتة الذي سبق له وأن لعب مع الفريق من قبل وكان ضمن الكادر التدريبي الذي ساهم بالعودة للقمة الآسيوية. مع كل تلك الأمور انطلق السد تحضيرا لموسم أراده مخالفا لما سبق، ظهرت بوادر "البطولة" عقب تحقيق الفوز في عشر مباريات لقاء تعادل وحيد جاء عقب سلسلة فوز تكونت من تسعة انتصارات متتالية.
 
بلغ السد مرحلة نضج وانسجام لا مثيل لها، وبدا أن الهدف قريب ولم يتبقى سوى الحفاظ على ذات الأداء الطيب والتعامل مع ارتفاع حدة المنافسة والرغبة في إنزال أو هز مكان السد، لكن ذلك لم يؤثر على طموحات الزعيم وأضاف ستة انتصارات لرصيده وتعادل مرتين وسقط في فخ الهزيمة ثلاث مرات، أما الأرقام فقد كان فيها الأول دون منازع، إذ سجل أكبر عدد من الانتصارات 16 مرة، وكان أقوى خط هجوم برصيد 47 هدفا وكان ثاني أقوى خط دفاع مع الجيش بـ23 هدفا في مرماه (خلف لخويا  22) وكان أقل من تعرض للهزيمة 3 مرات وثاني أقل فريق تعرض للتعادل 3 مرات أيضا. ومع رصيد 51 نقطة تؤكد الأرقام بشكل لا يدعو للشك بأن السد استحق مركزه الأول ولقبه الـ13.
 
                                             ليس بالأرقام فقط
الأرقام التي حصل عليها السد تؤشر بما لا يدعو للشك أنه كان رقميا في مقدمة الترتيب، لكن ما "أثلج" صدر الجمهور العاشق لهذا الفريق الكبير، رؤية ذاك التطور الكبير على الشكل الفني داخل أرضية الملعب، فالانتصارت التي تحققت لم تأتي من ضعف المنافس، لا بل نجح في تطويع كل المنافسين ولم ينجو أي من الفرق الأحد عشر من الهزيمة أمامه.
 
تخوّف الكثيرون عقب رحيل فوساتي عن سدة القيادة الفنية، فقد كان الملهم في الفوز بلقب آسيا وفي كاس العالم للأندية، ولكن وجود المدرب العربي المغربي حسين عمومتة في "بوتقة" الفريق وقربه من الجميع، منحه الثقة لطرح أفكاره الفنية فوق أرضية الملعب، وما ساعده في ذلك القدرات الكبيرة التي يمتلكها اللاعبون، سواء من أصحاب الخبرة أمثال وسام رزق وطلال البلوشي ونذير بلحاج وعبدالله كوني ومحمد صقر، أو من أصحاب المهارة أمثال إبراهيم خلفان، وحسن الهيدوس فقد كان هؤلاء عند حسن الظن بهم، إذ نفذوا ما أراده عموتة، وصنعوا ذاك المزيج المتميز من الإلتزام والروح القتالية.
 
يشرح عموتة ذلك "هذا اللقب كان مهما للغاية بالنسبة لنا، لم نتوج منذ خمسة مواسم، دخلنا البطولة بهدف الظفر بها، تصدرنا الترتيب بفضل التزام اللاعبين طيلة الموسم. يتوجب عليّ توجيه الشكر لهم جميعا ولكل من ساهم بانجازنا هذا".
 
                                              العلامة الفارقة
يمكن للسد أن يفخر بما أنجزه هذا الموسم، لكنه سيفخر كثيرا بارتداء لاعب كبير بمثل حجم الأسباني راؤول جونزاليس لقميص النادي، فقد كان لحضور "الأسطورة" نقلة نوعية كبيرة أعادت بالذاكرة تلك الصفقات الكبيرة التي شهدتها الملاعب القطرية بداية عصر الإحتراف الحديث. وعلى الرغم من تخوف البعض من عدم انسجام راؤول وصعوبة مساعدته للفريق فوق أرضية الملعب، خالف النجم الكبير التوقعات، وقدم أداء مثاليا للغاية، حيث شكل "العلامة الفارقة"، سواء داخل الملعب من حيث التسجيل وصنع الأهداف أو خارجه بتقديم كل العون للاعبين نظرا للخبرة الكبيرة التي عاشها طيلة مسيرته في ريال مدريد. 
 
مُنح راؤول شارة القيادة إيمانا من السد بما يمكن أن يقدمه، وقد كان هذا النجم متوهجا كما هي عاداته، حيث تحمّل المسؤولية الملقاة على عاتقه بشكل كامل ولائق، وكان الكفة التي رجحت ميزان القوى. سجل جونزاليس 9 أهداف، وصنع العديد منها، وكان ركيزة في انطلاق الهجمات وحسم الكثير من المباريات المهمة. وبالنسبة للاعبين فقد كانت خبراته داخل المباريات كما لو كان مدربا محنكا، يصدر التوجيهات بشكل صحيح ومناسب.
 
يقول راؤول عقب التتويج وتسمله درع الدوري "أنا سعيد جدا بهذا اللقب، عملنا بجهد كبير، وقد أثمرت الجهود بالنهاية. أشكر الجميع في السد على منحي الثقة، ومساعدتي على التأقلم بسرعة مع الأجواء. حصلنا على لقب وبقي اثنان في الملعب، نطمح بالمزيد هذا الموسم.